بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 31 يوليو 2009

الشيكات المرتجعة

الجوانب القانونية للشيكات المرتجعة من وجة النظر المصرفية
أن القانون السوداني أولي الشيكات المرتجعة عناية خاصة وجعل ارتجاعها جريمة يعاقب عليها القانون في حالة استيفاء الشروط الشكلية كاملة ( التاريخ ، اسم المستفيد ، تطابق التوقيع مع نموذج التوقيع الموجود بكرت حساب الساحب ، التظهير) في هذا المجال فقد سبق لبنك السودان المركزي أن كون لجنة لوضع تصور لاستقطاب الودائع داخل الجهاز المصرفي مرة أخرى بعد هروبها منه . وقد أوصت اللجنة ضمن توصياتها بضرورة تقديم الحماية القانونية للشيكات عموماً بهدف إعادة الثقة في التعامل بها وذلك بان يصدر وزير العدل والنائب العام توجيهات لوكلاء النيابات بقبول العرائض الخاصة ببلاغات الشيكات في أي وقت دون التقيد بالوقت المحدد لقبول العرائض بصفة عامة .
أيضا هناك أشكال قانوني حول منع إيقاف دفع الشيكات ، حيث نص منشور بنك السودان المركزي
2 رقم 24/95 بتاريخ 23/7/1995 م بمنع البنوك من ايقاف دفع أي شيك ما لم يقدم الساحب ما يفيد بفتح بلاغ في النيابة بفقدانه . وقد هدف بنك السودان المركزي من وراء هذا الإجراء الي إبطال ظاهرة إيقاف دفع الشيكات بعد إصدارها وهو أسلوب لجأ إليه بعض العملاء الذين ليست لديهم أرصدة بالبنوك لتفادي اتخاذ إجراءات قانونية ضدهم والتحايل بالتالي علي القانون . لكن بالمقابل افتت إدارة قانونية ولائية مشيرةً الي نص المادة 179(ج) من القانون الجنائي بأن من بين عناصر الجريمة ايقاف الشيك بواسطة الساحب بأمر منه أو من ينوب عنه دون سبب معقول . و ان من حق الساحب ايقاف دفع الشيك من المسحوب عليه وتبقي مسالة السبب المعقول مسألة إثبات أمام المحكمة طالما أن ايقاف الشيك كان بأمر الساحب وليست النيابة طرفاً في النزاع لتوجه بوقف الدفع أو الصرف ما لم يكن هناك نزاع قائم فعلاً أمام النيابة .وتنص الفتوى بتوجيه البنوك بان للساحب الحق قانونا بوقف صرف الشيك بموجب نص المادة.
من ضمن الأغراض التي أنشأ من اجلها بنك السودان المركزي حسب منطوق المادة (5) من قانونه هي المساعدة علي تنمية الجهاز المصرفي ونظام النقد والائتمان ( الأنشطة التمويلية ) والعمل علي استقراره .
وقد درج بنك السودان المركزي علي السعي لتحقيق ذلك الهدف عبر سياساته النقدية والائتمانية بجانب سياسات النقد الأجنبي والسياسات المصرفية عموماً . وتهدف هذه السياسات في إطارها الكلي الي خدمة أهداف الاستراتيجية القومية الشاملة وتحقيق الأهداف الاقتصادية الكلية بتنمية القطاعات ذات الأولوية والعمل علي تخفيف حدة التضخم والعمل علي استقرار سعر الصرف وتركيز مستوي الأسعار وتحقيق العدالة في توزيع الدخل والثروة .
وقد لجأ بنك السودان المركزي من هذا المنطلق وبعد استفحال ظاهرة الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد الي إصدار العديد من الضوابط والإجراءات الإدارية والمصرفية للحد من هذه الظاهرة بما يضمن إعادة الثقة في التعامل بالشيكات كوسيلة دفع مقبولة وتوسيع قاعدة التعامل بها بدلا عن التعامل النقدي وما يكتنفه من مخاطر وما يترتب عليه من آثار سلبية علي القطاع المصرفي وعلي الاقتصاد الوطني بصفة عامة . وقد كان منطلق بنك السودان المركزي في ذلك أن التصدي للمشكلة لا يكون عن طريق سن القوانين والتشريعات الرادعة وحدها وإنما يجب أن يواكبه إجراءات وتدابير من السلطات النقدية لإيجاد عقوبات وضوابط وإجراءات قانونية . عليه فقد لجأ بنك السودان المركزي الي العديد من الإجراءات والعقوبات المصرفية لوقف الظاهرة نوجزها في الآتي :
أولا : نص منشور بنك السودان رقم 36/92 بتاريخ 18/6/1992م علي تقييد البنوك بالآتي عند فتح الحسابات :
1
1. استكمال الملفات الخاصة بفتح حسابات العملاء .
2. الاحتفاظ بالمستندات المناسبة مثل إثبات الشخصية ، البطاقة الضريبية ، السجل التجاري ، شهادة التسجيل ، لائحة التسجيل ،... الخ .
ثانياً: نص منشور بنك السودان المركزي
2 بتاريخ 14/9/1993م في الفقرة الثالثة منه علي انه في حالة الشيكات المرتجعة (R/D) ولضمان التعامل بالشيكات كوسيلة دفع بهدف توسيع التعامل بالشيكات بدلاً عن التعامل النقدي فإنه يتوجب علي البنوك والعملاء اتخاذ الخطوات التالية :
§ إنذار العميل بقفل الحساب في حالة ارتداد الشيك للمرة الأولى والثانية ويسجل الإنذار بسجل الحساب .
§ يتم قفل الحساب في ارتداد شيك للمرة الثالثة مع إخطار بنك السودان المركزي بذلك .
§ سيقوم بنك السودان المركزي بتعميم أسماء من تقفل حساباتهم علي البنوك علي اساس انهم مقصرين لسوء إدارة حساباتهم .
§ يترك للبنوك حرية حظر التعامل المصرفي مع العميل الذي ترتد شيكاته وفقاً لتقدير كل بنك علي حده .
وقد لجأ بنك السودان المركزي الي خيار التشديد في تطبيق هذه المنشورات بعد ان تلاحظ أن بعض البنوك تحاشت اللجوء لحظر التعامل المصرفي مع العملاء الذين ترتد شيكاتهم للمرة الثالثة حتى يتسنى لها الاحتفاظ بهم خوفاً من تحولهم لبنوك أخرى الأمر الذي اضر بمبدأ المنافسة الحرة الشريفة وساعد بعض من هؤلاء العملاء في إصدار المزيد من الشيكات التي ترتد بسبب عدم كفاية الأرصدة .

لكن بنك السودان المركزي عاد مرة أخرى وبسبب مطالبة العديد من البنوك له إصدار منشور جديد في 14/12/1993م حيث اقتصر دوره بموجبه علي تعميم أسماء العملاء الذين تقفل حساباتهم للمرة الثالثة نتيجة لارتداد شيكاتهم باعتبارهم عملاء مقصرين نتيجة لسوء الإدارة وترك حظر التعامل المصرفي معهم لتقدير كل بنك علي حده .
رابعاً نص منشور بنك السودان المركزي رقم 24/7/1995 م علي الآتي ( وهو المنشور الذي اشرنا الي اشكاله القانوني ) .
1. منع ايقاف دفع أي شيك ما لم يقدم صاحب الشيك ما يفيد بفتح بلاغ بفقدانه.
2. ينذر العميل في حالة ايقاف الشيك للمرة الأولى والثانية ويقفل حسابه نهائياً في المرة الثالثة .
3. يقوم بنك السودان المركزي بتعميم أسماء من تقفل حساباتهم كعملاء مقصرين يحظر التعامل معهم .
ويلاحظ بصفة عامة أن كل المنشورات السابقة لم تحدد فترة زمنية لارتداد الشيكات بين المرة الأولى والثالثة . وقد تدارك بنك السودان المركزي هذا الامر مؤخراً وبعد التشاور مع اتحاد المصارف السودانية تم تحديد الفترة الزمنية بسته شهور .
خامساً نص منشور طباعة وحفظ الشيكات بتاريخ 19/3/1996 م علي البنوك الالتزام الآتي :
· تزويد العملاء بدفاتر شيكات تتناسب ومقدرة العميل وحجم أعماله .
· مراقبة شيكات الحسابات الجامدة وعدم تنفيذ أي مدفوعات عليها إلا بواسطة مدير الفرع او من ينوب عنه مع فصلها عن بقية الحسابات لتكون تحت مسئولية مدير الفرع .
اما من وجه النظر القانونية فإن إعطاء الصك المرتد أو الشيك لم يعاقب عليها القانون كجريمة قبل عام 1969م ولكن بعد أن كثر تداولها والآثار السالبة التي بدأت تخلقها من انعدام الثقة فيها فطن المشرع لذلك وقام بإصدار القانون رقم (23) لسنة 1969م والذي بموجبة اصبح إعطاء صك مردود أو شيك مرتد يشكل جريمة يعاقب عليها القانون وقبل هذا القانون لم يكن يعاقب عليها إلا إذا توصل الشخص عن طريقا الي خداع الاخرين بالحصول علي مال اوخلافه وفي هذه الحالة تتوافر عناصر جريمة الاحتيال .. قبل صدور هذا القانون كان إعطاء شيك بدون رصيد كثمن لبضاعة تم استلامها لا يوفر أركان جريمة الاحتيال وبالتالي يصبح هذا التعامل مدنياً ويصبح الصك هنا كالكمبيالة أداة ضمان فقط . ولكن بصدور هذا القانون اصبح مجرد هذا الاحتيال جريمة . وهدف المشرع من إصداره لهذا القانون الي توفير الثقة في الصكوك عموماًُ بحسبانها أداة وفاء تجري مجري النقود وحماية للمتعاملين بها وبالتالي بث الثقة في التعاملات التجارية . وحتى تتوافر أركان جريمة إعطاء مردود يجب أن يكون التعامل بواسطة صك مردود يجب أن يكون التعامل بواسطة صك (شيك ) حسب تعريفه الوراد في قانون الكمبيالات لسنة 1917م والذي عرفه بأنه الورقة التجارية الشكلية التي يصدرها الساحب لتجري مجري النقود مؤقتاً كادة وفاء واجبة الدفع فوراً لدي الطلب او الاطلاع عليها من المسحوب عليه وقد يتم تداولها عن طريق التظهير .
وعليه يكون الصك (الشيك ) كأداة شكلية هو أمر مكتوب بدفع مبلغ محدد من النقود صادر من ساحب معين يحمل توقيعه موجه قطعياً دون تعليق شرط الي مسحوب عليه معين لصالح الساحب نفسه او لمستفيد معين او لصالحه واذا اغفل الساحب وضعه باعتبار انه مفوض من قبل الساحب وقد يوقع الساحب الصك علي بياض
1، في هذه الحالة يكون للمستفيد حق ملء بيانات الصك الخاصة بالمبلغ باعتباره مفوضاً من الساحب وهذا ما ارسته كل السوابق القضائية . ولكن اذا قام المستفيد بوضع مبلغ اكبر من المبلغ المتفق عليه مع الساحب ؟ في هذه الحالة يكون المستفيد قد أوقع نفسه تحت طائلة مواد التزوير .
واذا قام الساحب بكتابة تاريخان في الصك أحدهما للإصدار والآخرللاستحقاق يفقد الصك صفته ( كشيك ) ويتحول الي كمبيالة أي مستند مثبت للدين وهو ما يعني عدم وجود المبلغ لدي محرره وقت تحريره وانه – أي الساحب - يعد بدفعه في تاريخ الاستحقاق وإذا لم يتيسر له ذلك كان من حق المستفيد اللجوء للمحاكم المدنية .

ويلاحظ بان الصك المردود يعتبر في ذاته أداة خداع لا يقتصر ضرره علي المستفيد وحده وانما قد يمتد الي الغير ممن يتعاملون به عن طريق التظهير ولذلك نجد أن المشرع يحميه مستقبلاً ويفرض أن يكون له مقابل ، فقط يجب التأكد من ألا يكون المقابل له نتيجة معاملات ربوية او وهمية او صورية وهذه الإضافة الخاصة بالمقابل أدخلت حديثاً في تعديل قانون مكافحة الثراء الحرام تعديل سنة 1996م وقصد منها المشرع تطهير التعامل التجاري من الربا .
وتتمثل عناصر جريمة الصك (الشيك ) المرتد في الاتي :
2
1. أن يحصل إعطاء لهذا الصك . فالتحرير والإصدار والحيازة لا تعتبر جريمة وانما تعتبر من قبيل الإعمال التحضيرية التي لا يعاقب عليها القانون .
والإعطاء يعني دفع الصك للتعامل أي خروجه من يد الساحب نهائياً ويتحقق ذلك بتسليمه للمستفيد أو إرساله إليه ويشترط في هذا التسليم ان يكون علي نية التخلي عنه نهائياً بنقل حيازته الكاملة للمستفيد ، فإذا كان التسليم قد تم علي الوديعة أو الضمان فلا يعد هذا إعطاء بالمعني الذي قصده المشرع ولا يتحقق به الخروج من يد الساحب نهائياً .
2. ان يرفض المسحوب عليه صرف قيمة الصك لأحد الأسباب التالية :
· عدم وجود حساب للساحب لدي المسحوب عليه وقت تقديم الصك .
· عدم وجود رصيد للساحب مطلقاً أو وجود رصيد غير كافي غير قابل للسحب منه لحجزه مثلاً أو لعدم أهلية الساحب او إفلاسه .
· وقف الساحب صرف قيمة الصك بأمر منه أو ممن ينوب عنه دون إبداء سبب مقبول مثل أن تكون ارادة الساحب معيبة لحظة إعطاء الصك بسبب وقوعه في غش أو تدليس او غلط لمقدار الدين الذي أعطى الصك وفاًء له وان يكون إعطاء الصك للتذكره فقط وبناء علي اتفاق مع المستفيد .
· أن يتعمد الساحب تحرير الصك بصورة تمنع قبوله من جانب المسحوب عليه مثل أن يكون التوقيع غير مطابق لتوقيع الساحب المعتمد أو اختلاف المبلغ المبين كتابة مع المبلغ المبين بالأرقام.